قال الله عزّ وجلّ : ﴿لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾
قال الإمام النووي رحمه الله في شرحه على مسلم: اعلم أن مذهب أهل السنّة بأجمعهم أن رؤية الله تعالى ممكنة غير مستحيلة عقلاً، وأجمعوا أيضاً على وقوعها في الآخرة، وأن المؤمنين يرون الله تعالى دون الكافرين، وزعمت طائفة من أهل البدع المعتزلة والخوارج وبعض المرجئة أن الله تعالى لا يراه أحد من خلقه، وأن رؤيته مستحيلة عقلاً، وهذا الذي قالوه خطأ صريح وجهل قبيح، وقد تظاهرت أدلة الكتاب والسنة وإجماع الصحابة ومن بعدهم من سلف الأمة على إثبات رؤية الله تعالى في الآخرة للمؤمنين، ورواها نحو من عشرين صحابياً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وآيات القرآن فيها مشهورة، واعتراضات المبتدعة عليها لها أجوبة مشهورة في كتب المتكلمين من أهل السنة … وأما رؤية الله تعالى في الدنيا فقد قدمنا أنها ممكنة، ولكن الجمهور من السلف والخلف من المتكلمين وغيرهم أنها لا تقع في الدنيا.
انتهى كلام النووي رحمه الله تعالى.
في الصحيحين من حديث جرير بن عبد الله البجلي قال: كنا جلوساً مع النبي صلى الله عليه وسلم، فنظر إلى القمر ليلة أربع عشرة، فقال ” إنكم سترون ربكم عياناً كما ترون هذا، لا تضامون في رؤيته “
وهذا يدل على أن أهل الجنة سيرون ربهم يوم القيامة رؤية تليق بالملك سبحانة وتعالى و لم ينكر ذلك إلا بعض فرق الضلال كاالمعتزلة والخوارج وبعض المرجئة كما ذكرنا في نصّ كلام النووي سلفا.
يا أهل الجنة إن ربكم تبارك وتعالى يستزيركم فحَىَّ على زيارته ، فيقولون : سمعاً وطاعة ، وينهضون إلى الزيارة مبادرين ، حتى إذا انتهوا إلى الوادي الأفيح الذي جعل لهم موعداً . و آجتمعوا هناك فلم يغادر الدّاعي منهم أحداً ، أمر الرب تبارك وتعالى بكرسيه فنصب هناك ثم نصبت لهم منابر من نور ومنابر من لؤلؤا ومنابر من زبرجد ومنابر من ذهب ومنابر من فضة ، وجلس أدناهم على كثبان المسك ما يرون أن أصحاب الكراسي فوقهم العطايا ، حتى إذا استقرت بهم مجالسهم واطمأنت بهم أماكنهم ، نادى المنادى : يا أهل الجنة إن لكم عند الله موعداً يريد أن ينجزكموه ، فيقولون : ما هو ؟ ألم تبيض وجوهنا ويثقل موازيننا ويدخلنا الجنة ويزحزحنا عن النار ؟ .
اللهم إنا تسألك لذَّةَ النظرِ إلى وجهِكَ،والشوْقَ إلى لقائِكَ في غيرِ ضراءَ مُضِرَّةٍ ،ولا فتنةٍ مُضِلَّةٍ.